الخميس، 27 مارس 2008

بدء خسارة الدولار

بعد مساعدات مارشال الأمريكية لأوربا المنهكة من نتائج الحرب العالمية الثانية , تجمعت كتلة الدولار الكبرى في أوربا , فشعرت أمريكا عندها أنها خسرت السيطرة السياسية على الدولار- عملتها القومية , مما جعلها تخسر أهم عنصر من عناصر قوتها السياسية لتحقيق انتشارها في العالم والسيطرة , التي أسست لها في بريتون وودز عندما تم الاتفاق على اعتبار الدولار عملة الاحتياط الدولية بشرط دوام قابليته للتحويل الى ذهب , فكان لابد لأمريكا من استرجاع كتلة الدولار الكبرى من أوربا وإعادتها الى البنوك الأمريكية والى السيطرة السياسية الأمريكية . هذا عدا عن مجموع الفائض المالي الفردي للأفراد في العالم الذي شكل كتلة لا بأس بها بالنسبة الى الكتلة المالية الكبرى المحركة للدورة الاقتصادية في العالم كان كذلك خارج السيطرة السياسية الأمريكية . إن هذين العاملين منعا الولايات المتحدة من التحكم بالمفاتيح المستقبلية للاقتصاد العالمي , ( العولمة ) , فكان لابد لها من أن تفكر أيضا" بالسعي الى امتصاص ذلك الفائض الفردي , واسترجاع كتلة الدولار المتمركزة في أوربا , ولكن من أين المنطلق؟....وهل هناك منطقة غير منطقة الشرق الأوسط , تستطيع أمريكا فيها أن تسترجع الدولار السياسي و تدمجه مع النفط كمدخل لضمان الإمداد بالنفط بنفس الوقت ( يقاس الرفاه حسب المعايير الأمريكية بمدى استهلاك الفرد للطاقة - علما أن سوق النفط والغاز هي السوق السلعية الأضخم في العالم ) و لضمان استمرار الدورة الاقتصادية للمجمعات الصناعية و الصناعية العسكرية الأمريكية . هكذا اقترب المال ( الدولار ) من النفط والسلاح عند صانع القرار السياسي الأمريكي الى درجة الاندماج فيما بعد .
لأجل هذا حددت البداية في الشرق الأوسط , وفي فلسطين , الذي يمكن أن تندمج فيها وحولها كل المصالح الأمريكية , وارتفعت الوتيرة بربح إسرائيل الحرب في عام 1967 , هذه الحرب التي كانت هزيمة حقيقية للنظام العربي كنظام – وفعلا" كانت حرب تحريك - (ولا نذيع سرا" إذا قلنا أن إذاعتي إسرائيل ولندن كانتا المرجع الأساسي للأخبار آنذاك , مما يؤشر لمدى عدم الاستقلال النفسي للمواطن عندئذ وفقدانه الثقة بمؤسساته ) وبعد كل التفاعلات التي حصلت بعدها , واللاءات التي أطلقها عبد الناصر وأحداث أيلول في الأردن , و بدء استعدادات القوى المعارضة للثورة العربية ( كما سميت آنذاك ) للانقضاض عليها , وصدور القرار242 وخسارة الأمريكان للحرب في فيتنام , اتخذ نيكسون قراره بفك ارتباط الدولار عن الذهب عام 1970 , فانتهت بذلك كل الارتباطات الاقتصادية التي نتجت بعد الحرب العالمية الثانية , وبدأ عهد جديد , هذا من الناحية الاقتصادية , ولكن بهدوء . أما من ناحية طريقة حل القضية الفلسطينية فقد صدرت دراسة عندئذ في نهاية الستينيات من القرن الماضي واستنتجت أنه لا حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية , الذي أدى فيما بعد الى سياسة كيسنجر ذات الخطوة- خطوة المتوافقة مع المصالح الأمريكية التي ستمتد في العالم بعدئذ خطوة خطوة عبر تعاقب الأجيال , ولتراهن أمريكا على أجيال قادمة يتم تشكيلها أو التحكم بردود أفعالها على الأحداث التي ستجري لتجعلها تطلب ما هو راهني فقط , وذاتي , خاصة إذا عرفنا أن السياسية الأمريكية بدأت بالسعي لتخفيض المستوى الاقتصادي للمجتمعات في العالم من أجل أن يسيطر القرار اليومي على القرار القومي والاستراتيجي , لترتفع الشعارات المباشرة اليومية بدلا" من الشعارات الاستراتيجية , فتبقى الاستراتيجيات في العالم بعدئذ بيد السياسة الأمريكية ( سيطرة أهداف الفرد على أهداف المجتمع وعلى القرار السياسي ) ونستطيع أن نستنتج الخط الذي مشت عليه السياسة الأمريكية اليوم بعد كل الأحداث التي انقضت :
1- فك العلاقة بين الاجتماعي والقومي , و فك ارتباط الدولار عن الذهب - نيكسون - .
2- اتفاق عام 1972 الذي ينص على اعتماد الدولار في المبادلات النفطية , وبذلك يتحول الدولار الى سلعة خاضعة للطلب بازدياد استهلاك النفط , فيدخل الدولار الاقتصاديات العالمية عنوة و يؤثر في سعر عملاتها المحلية صعودا" وهبوطا" .
3- تشّكل البترو- دولار , نتيجة لاتفاق 1972 وانعكاسه على العلاقة بين الأسعار المحلية والدخل الفردي وخاصة في المجتمعين السوري والمصري ( لماذا ؟ ) .
4- ازدياد تدخل العوامل الخارجية في تشكيل أو التأثير على العوامل الداخلية للمجتمعات
5- بدء عدم استقرار العملات , وانعكاس ذلك على سعر العملة المحلية و الفائض الفردي , وعلى العلاقات الاقتصادية الدولية

ليست هناك تعليقات: